الهــروب الأميركــي مـن العــراق هزيمة ام مناورة
د.نسيب حطيط
أعلن الرئيس الأميركي أوباما قراره بالإنسحاب من العراق،ليؤكد أن كل إحتلال إلى زوال ،وبثمن قدره مليون قتيل عراقي ونهب الثروات و بدء تقسيم العراق وفق الفوضى الخلاقة.
بعد ثمانية أعوام من الإجتياح لنشر الديمقراطية وإعدام الطاغية صدام حسين،أعدم الأميركيون الشعب العراقي ووحدته ونشروا التفرقة والإنفصال والمذهبية،وأسسوا لأقاليم مذهبية وقومية في الشمال(الأكراد)في الوسط(السنة)وفي الجنوب(الشيعةوشجعوا الإنتحاريين التكفيريين بإسم الأسلام،لتحقيق مشروع الشرق الأوسط الجديد .
لقد انتصرت المقاومة العراقية الشريفة على تنوع أطيافها تساندها أنظمة الممانعة والمقاومة بمواجهة الإحتلال وأجباره على الإنسحاب،وهو الذي اعتاد عدم الخروج من أي بلد احتله بعد الحرب العالمية الثانية إلا في فيتنام وكوريا الشمالية ،ونشرت القواعد الأميركية في أكثر من تسعين بلدا في العالم،لقد أعلن الأميركيون قبل دخولهم العراق بأن كلفة الحرب ستبلغ 50مليار دولار وخرجوا بكلفة تقارب 800 مليار دولار تحملها الشعب الأميركي و دول الخليج وثروات العراق المنهوبة،وكلها تصب في صناديق شركات الأسلحة وقادة أميركا .
ولكن السؤال المطروح ؟...ماهي أسباب الإنسحاب الأميركي هل نتيجة الإلتزام بالإتفاقيات الأمنية مع العراق ومواعيدها أم المقاومة أو الأزمة المالية الأميركية أو الصراع السياسي بين الجمهوريين والديمقراطيين ؟
الحقيقة الثابتة أن أميركا تخرج من العراق،و أن الإحتلال ليس قدرا محتوما على الشعوب المطالبة بالإستقلال،وأن السلاح ليس المرتكز الوحيد للإنتصار بل الإرادة والقرار الوطني.
إن الإنسحاب الأميركي نتيجة طبيعية لتضافر العوامل السابقة يضاف إليها المعادلة الإلهية والتاريخية أن الظالم مهزوم وأن المظلوم منتصر مهما كانت التضحيات.
إن الإنسحاب الأميركي المفروض يطرح أسئلة عن العراق والمنطقة ما بعد الإنسحاب وعن أميركا بالتحديد وفي قراءة هادئة للمواقع فإن المستقبل يمكن قراءته وفق الظروف التالية:
- إن الخروج الأميركي من العراق يعلن بداية التقهقر الأميركي على مستوى العالم، وافول العصر الأميركي بعد عقدين من الزمن منذ إنهيار الإتحاد السوفياتي.
- إن العراق بعد الإنسحاب ووفق المخطط الأميركي-الإسرائيلي سيتعرض للفتنة بأصابع داخلية وخارجية لإشعال الحرب الأهلية كما يؤكد مسعود البارازاني الذي يحلم بالإنفصال لتأسيس (كردستان العراق)،المستقلة مقدمة لتوسعها في تركيا وسوريا وإيران، كتوأم لدولة جنوب السودان.
- سينتقل الأميركييون إلى تركيا، ،التي تحتضن الدرع الصاروخية وقيادة العمليات البرية للناتو وقاعدة انجرليك لتكون بديلا عن العراق ولإستدراجها لحرب شبيهة بالحرب العراقية-الإيرانية،على جبهتين مقابل سوريا وإيران،وسيعزز الأميركيون وجودهم في الخليج .
- البدء بالحرب البديلة عن الغزو الأميركي،لتوفير الخسائر البشرية والمالية ،عبر الفتن الداخلية والحروب بين الدول مما يحقق المشروع الأميركي-الإسرائيلي.
إن تداعيات الإنسحاب الأميركية متعددة،فالبعض يقول أن الإنسحاب مقدمة لضرب إيران،وأن الإنسحاب تهريب للجيش الأميركي من الضربات الإيرانية ، وهذا مخالف للواقع فأميركا موجودة في أفغانستان و البحرين و قطر و تركيا، مما يجعلها فريسة سهلة للصواريخ والجيش الإيراني ،وأن إيران ستضرب إسرائيل المحرض والشريك لأميركا ،مما سيجعل المنطقة امام زلزال وبركان متفجر ،وهذا ما صرح به الإيرانيون والرئيس الأسد والمقاومة في لبنان.
إن الإنسحاب الأميركي من العراق،أوجد تغييرا إستراتيجيا على المستوى الجغرافي، واسس لجبهة مواجهة تمتد من إيران إلى العراق وسوريا ولبنان من مدينة مشهد ا إلى مارون الرأس على حدود فلسطين المحتلة بدون وحواجز وامتد جنوبي الليطاني ،من 7 كيلومترات إلى ألاف الكيلومترات حتى بحر قزوين، فإذا بقيت إسرائيل 33 يوما ولم تصل إلى الليطاني فهل ستبقى على قيد الحياة للوصول إلى بحر قزوين؟
المستقبل خطير ودموي،لكنه يبشر بفجر جديد يلغي اسرائيل ،ويعيد أميركا إلى داخل حدودها،وسيعود للأمة مجدها ووحدتها .... فهل يستيقظ البعض ويعود إلى وطنيته ودينه و
أم يفضل الإنتحار أو الهروب مع الأميركيين؟